شرح أحاديث من كتاب النكاح من صحيح البخاري
باب وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب
باب : رسم> وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ قرآن> رسم> ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا إسماعيل اسم> قال: حدثني مالك اسم> عن عبد الله بن أبي بكر اسم> عن عمرة بنت عبد الرحمن اسم> أن عائشة اسم> رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها: رسم> أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة اسم> قالت: فقلت: يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أراه فلانا لعم حفصة اسم> من الرضاعة قالت عائشة اسم> لو كان فلان بن فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي؟ فقال: نعم. الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة متن_ح> رسم> .
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا مسدد اسم> حدثنا يحيى اسم> عن شعبة اسم> عن قتادة اسم> عن جابر بن زيد اسم> عن ابن عباس اسم> قال: رسم> قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تتزوج ابنة حمزة اسم> قال: إنها ابنة أخي من الرضاعة متن_ح> رسم> .
وقال بشر بن عمر اسم> حدثنا شعبة اسم> سمعت قتادة اسم> سمعت جابر بن زيد اسم> مثله.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا الحكم بن نافع اسم> قال أخبرنا شعيب اسم> عن الزهري اسم> قال أخبرني عروة بن الزبير اسم> أن زينب بنت أبي سلمة اسم> أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان اسم> أنها قالت: رسم> يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان. قالت: فقال: أوتحبين ذلك؟ فقلت: نعم، لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ذلك لا يحل لي. قلت: والله يا رسول الله فإنا نتحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة اسم> ؛ قال: بنت أم سلمة؟ قلت: نعم؛ فقال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي في الرضاعة أرضعتني, وأبا سلمة اسم> ثويبة اسم> فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن متن_ح> رسم> .
قال عروة اسم> وثويبة اسم> مولاة أبي لهب اسم> وكان أبو لهب اسم> أعتقها فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب اسم> أريه بعض أهله بشر حيبة قال: له ماذا لقيت؟ قال أبو لهب اسم> لم ألق بعدكم غير أنني سقيت بعتاقتي ثويبة اسم> .
هذه الأحاديث تتعلق بالرضاع، ومعناه إرضاع المرأة طفلا أو طفلة في سن الرضاع؛ فإذا أرضعته الرضاع المحرم، أصبحت أمه من الرضاع وزوجها أباه من الرضاع؛ دليل ذلك قول الله تعالى: رسم> وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ قرآن> رسم> .
في الحديث الأول سمع النبي صلى الله عليه وسلم- رجلا يقرع البيت على حفصة اسم> في بيت حفصة بنت عمر اسم> فأنكر صوته، فقالت إحدى زوجاته: هذا رجل يقرع بيتك أو يستأذن في بيتك فقال: لعله فلان عم حفصة اسم> من الرضاع؛ يعني أخو أبيها من الرضاع، تقول عائشة اسم> رسم> فقلت: لو كان فلان حيا لدخل علي؟ قال: نعم متن_ح> رسم> عم لها كان قد مات: رسم> فقال: نعم، إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة متن_ح> رسم> أي ما يحرم من النسب.
ورد هذا أيضا في عدة أحاديث: رسم> يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متن_ح> رسم> ؛ أي كل قريب من النسب يحرم مثله من الرضاع, فالمرضعة تكون مثل الأم سماها الله تعالى أمًّا: رسم> وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ قرآن> رسم> زوجها الذي هو صاحب اللبن الذي حملت من وطئه يكون والد ذلك الرضيع، يكون أبوه من الرضاع.
أولاد تلك المرأة التي أرضعت أولادها ذكورا وإناثا إخوة لذلك الرضيع، ولو تعدد آباؤهم لو كان لها أولاد من الزوج الأول، ومن الزوج الثاني، ومن الزوج الثالث، فكلهم إخوة لذلك الرضيع.
أولاد زوجها من غيرها إخوة أيضا لذلك الرضيع؛ وذلك لأنهم أولاد أبيه من الرضاع.
إخوان المرضعة أخوال الرضيع، أخوات المرضعة خالات الرضيع.
كذلك إخوان زوجها أعمام الرضيع، أخوات زوجها عمات الرضيع.
فكذلك بنات أولادها بنات أخيه، يكون هو عمهم، يقول لبنت أخته أو بنت أخيه: أنت بنت أخي من الرضاعة، أنت بنت أختي من الرضاعة، أرضعتني جدتكِ أرضعتني جدتكْ، أنت أخي, جدتك أم أمك جدتك أم أبيك هي التي أرضعتني؛ فأنت ابن أخي وأنا عمك.
وكذلك بنات أخته يقول: أنا خالك من الرضاعة.
فتحرم المرضعة وكذلك بناتها، وكذلك عماتها وخالتها، وعمات الزوج وخالات الزوج يعتبرون عمات للرضيع، أمه وأمها التي هي جدته، وأختها وبنت أختها، وبنت أخيها وأخت زوجها وبنت أختها، وبنت أخيها.
كما يحرم أولئك من النسب؛ أنت تعرف مثلا أن أخواتك من أبويك أو من أحدهما محارم لك، وكذلك بنات أخواتك, وبنات إخوانك, أنت عمهن أو أنت خالهن، وكذلك بنات بناتك، وبنات بنات أولادك ونحو ذلك كلهم أنت جدهم, أو أنت خالهم أو عمهم.
وكذلك جداتك أمهات أبيك وأمهات أمك وأمهات أجدادك كلهن محارم لك؛ فكذلك من الرضاع.
ثم في هذا الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- عرض عليه أن يتزوج بنت عمه التي هي بنت حمزة اسم> حمزة اسم> لما مات قتل سنة اثنتين كانت بنته بمكة اسم> عند أمها ولما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة اسم> سنة سبع لعمرة القضية, تبعته بنت حمزة اسم> فأتوا بها إلى المدينة اسم> فعرضوا عليه أن يتزوجها؛ فأخبر بأنها لا تحل له؛ وذلك لأن أباها أخوه من الرضاع.
يقول: رسم> أرضعتني وحمزة اسم> ثويبة اسم> متن_ح> رسم> أرضعته؛ فيكون حمزة اسم> أخاه مع أنه عمه؛ فلا تحل له بنته.
كذلك أيضا قصة أبي سلمة اسم> وكذلك قصة أم حبيبة اسم> أم حبيبة بنت أبي سفيان اسم> إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه أن يتزوج أختها معها فقال لها: تحبين أن أتزوج أختك معك فقالت: نعم. لست لك مخلية لست بمنفردة بك، لا بد من شركاء وإذا كان لي شركاء فأحق من يشاركني وأحب من يشاركني في الخير أختي فأريد أن تتزوج أختي, فأخبر بأنها لا تحل؛ لا يحل له أن يجمع بين الأختين, كما لا يحل لغيره؛ لقوله تعالى: رسم> وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ قرآن> رسم> .
فذكرت أنهم سمعوا قالت: كنا نتحدث أو نسمع أنك تريد أن تتزوج زينب بنت أبي سلمة اسم> فأكد وقال: بنت أم سلمة اسم> قالت: نعم. أم سلمة اسم> إحدى أمهات المؤمنين, وبنتها زينب اسم> ربيبة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأنه لما مات أبو سلمة اسم> تزوج أم سلمة اسم> ؛ فأصبح أولاده يتامى في حجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهن هذه البنت التي اسمها زينب اسم> .
فأخبر بأنها تحرم عليه لسببين. السبب الأول: أنها ربيبته لقوله تعالى: رسم> وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ قرآن> رسم> .
السبب الثاني: أنها بنت أخيه من الرضاعة أي: أبو سلمة اسم> الذي هو والدها أخو النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، لم يرضع من أمه ولم يرضع أبو سلمة اسم> من أم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن اجتمعا في رضاعهما من ثويبة اسم> رسم> أرضعتني وأبا سلمة ثويبة اسم> متن_ح> رسم> .
ثويبة اسم> مولاة مملوكة لأبي لهب اسم> وقالوا: إنها جاءت إلى أبي لهب اسم> فبشرته بأنه ولد لأخيك ولد؛ يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بشرته ففرح بذلك وأعتقها، ولما أعتقها أصبحت مولاة لهم، وتزوجت وولد لها، وأصبحت ذات لبن فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرضعت أبا سلمة اسم> وأرضعت أيضا على الصحيح حمزة اسم> ؛ فكانوا إخوة من الرضاع أمهم التي أرضعتهم واحدة؛ فبذلك لا تحل زينب اسم> للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولو لم يتزوج أمها، بنت أخيه من الرضاعة.
ذكروا أن أبا لهب اسم> لما قتل أو مات رآه بعض أهله في شر حيبة أي: رأوه في مظهر سيئ؛ لأنه كافر, فقال: ما لقيت بعدكم خيرا إلا أني سقيت في هذه لعتقي ثويبة اسم> ؛ سقي ماء في نقرة الكف لإعتاقه ثويبة اسم> .
فالحاصل أن الرضاع يحرم القرابة الذين هم أقارب للمرضعة.
ثم اشترطوا في الرضاع: أن يكون في الحولين؛ فرضاع الكبير لا يحرِّم؛ إذا فطم بعد الحولين فلا يحرم رضاعه.
كذلك أيضا: لا بد من خمس رضعات أو أكثر. والرضعة هي: إمساك الثدي والامتصاص إلى أن يتركه أو ينزع منه فتحسب رضعة، فإذا عاد وأمسكه وامتصه فهي رضعة ثانية حتى يتم بذلك خمس رضعات، وما أقل من الخمس فلا يسمى رضعات, ولا تكون أُمًّا لذلك الرضيع.
مسألة>